مشاعر تائهة في زمن اللاحب ..
صدق وإخلاص مات واندثر..أخلاق كريمة واحساس برئ انقرض..
وفاء ومودة تلاشت بمرور الزمن..عبرات تشكو وحدتها ولاتجد من يواسيها..وانتهى جنون الحب..
لماذا أصبحنا كالدمى المتحركة؟! لماذا نعيش في زمن ماتت فيه أسمى معاني الانسانية؟! لماذا باتت كل الأشياء باهتة بلا معنى؟!
لماذا أصبحنا أضحوكة الزمن
وعشقنا السباحة في بحر الظلمات؟ّ! لما باتت القسوة تغلف ملامحنا وتعصر أفئدتنا بلا رحمة؟ّ!
ترى هل باتت حياتنا ظلا يستظل به وسط الغرائز الحيوانية والمصالح اللتي تتحكم فينا؟!
وإلى أين نقود أنفسنا في خضم هذه الحياة؟!
وبعد ماذا؟!.....ثم ماذا ولماذا؟ّ وأسألة عديدة معتقلة في سجن الحياة.. وإجابات حائرة لزمن يحتضر..
لما لانرحل إلى جولة في حياتنا ونعرض صورة رسمت بريشة فنان..ونرى ان كان فنانا أم أنه يدعي الفن ويلطخ اللوحات بالألوان؟! وهذه اللوحات هل هي حقا ملونة أم ضاعت منها الألوان؟!
كم غريبة هذه الحياة حين حلقت بفضائها..!كم قاسية حين واجهت أعاصيرها..! ظلم أن يتحداني الوقت وكل النفوس والحروف الساكنة أعماق الوجد..أن تهمشني عند آخر سطر وتبعثر قواميس الكلام..لاأريد أن أحيا كي أقتل في عيون من حولي ويملأ الضباب مدني والشمس مشرقة..لم يكن لي ذنب سوى نبضي اليتيم واستيطان تلك الحرية بداخلي..سقطت القوة الصارخة بوجهي فقلبي بدأ يبكي وتناثرت أوراقي..وصرخت العاطفة حين امتلك الأخرون سيطرتي..غربة الروح لاتقوى إنه غزو حرفي..
أخذنا موعدا في حي نتعرف عليه لأول مرة وجلسنا على طاولة وألقينا نظرة على قائمة الأطباق والمشروبات دون أن ننلقي نظرة على بعضنا وطلبنا بدل الشاي شيئا من النسيان وكطبق أساسي طلب الكثير من الكذب..
وضع قليلا من الثلج في حبنا وقليلا من التهذيب واللاتهذيب في كلماتنا..تحدثنا عن الأشياء اللتي تعنينا ولاتعنينا عن كل شئ وفي اللا شئ..اختلفنا في أمور لاتعنينا.. ثم اتفقنا على أمور لاتعنينا..
هل كان مهما أن نتفق على كل شئ نحن الذين لم نتناقش قبل اليوم في شئ؟!..يوم كان الحب مذهبنا الوحيد المشترك..اختلفنا بتطرف لنثبت أننا لم نعد نسخة طبق الأصل من بعضنا..تناقشنا بصوت عال لنغطي على صمت قلبنا..نظرنا إلى ساعاتنا كثيرا نسينا أن ننظر لبعضنا بعض الشئ..اعتذرنا لأننا أخذنا من وقت بعضنا ثم عدنا وجاملنا بعضنا البعض بوقت اضافي للكذب..
لم نعد واحدا صرنا اثنين على طرف الطاولة..تسرد علي همومك الواحد تلو الآخر أفهم أني ماعدت همك الأول..أحدثك عن مشاريعي تفهم أنك غادرت مفكرتي..فليكن..كان الحب غائبا عن عشائنا الأخير..ناب عنه الكذب تحول إلى نادل يلبي طلباتنا على عجل كي يغادر المكان..
كانت وجبة الحب باردة كحسائنا..مالحة كمذاق دمعنا
..والذكرى مشروب محرم نرتشفه بين الحين والأخر خطأ..عندما ترفع طاولة الحب كم يكون الجلوس أمامها سخيفا وكم يبدو العشاق أغبياء..فلم البقاء؟!كثير علينا كل هذا الكذب..ارفع طاولتك أيها الحب حان لهذا القلب أن ينسحب..
هي تلك الأنا اغتالها المستحيل..هو ذلك الحزن أدمى مشاعر الأمل..هاأنت تختفي برحيل مباغت..تسافر بحقائب ثمينة..هوأنت قاسي..اهتمامك سطحي..ضعف الخوف يتملكك..امتداد الغياب يأخذك..هو أنت لاشك الانكسار..لكن تأكد بأن زلزالك لايهمني فهو نهاية لسقوط حلم..أعيش حالتي اليائسة بعيدا عنك كأول التمرد على مشاعري..حروفي اكتملت والتأم الجرح ولم يعد للأبجدية امتداد..
النفس تكون شمعة في درب كل فتاة ونجمة هادية في ظلمة الحياة.. عرفت المقاومة لكل المغريات هل في هذه الدنيا مايستحق أن نمنح قلوبنا وعقولنا السامية له؟! المعاناة دمرت جسدي.. لكنها لم تمس قلبي وروحي بشئ انني أحتفظ بهما من دنس الخطايا ووهن الرغبات.. فقدري أن أكون فتاة رهن الغدر ولن أندم لأني تعلمت الكثير.. أن أكون ضحية لحب مقياسه بلا أساس.. حطبا لنار اشتعلت لتقتل شئ اسمه احساس.. أنهكتني دوامة اسمها الحياة وأنا أغرق باحثة عن طوق نجاة.. ليت الأشياء تعود من جديد وأرفض الخضوع لحب مزيف.. ليت قلبي طفلا يضحك هنا وهناك.. ليته هرب إلى ماض الطفولة البريئة واستوطن كل الأشياء الجميلة هناك.. وياليتني أملك مرآه لأرى مافي قلوب الناس من أمر دفين..فالحب كتابة سرية لايفهمها إلا الراسخون في العشق.. والآن أنا أدرك أنه لاشئ في هذه الدنيا يستحق البقاء..
فهناك خلف ذاك الركن المظلم رقدت أرواحنا في توجس
.. راقبت صعود صدورنا وهبوطه..
قتلتنا باستمتاع عشقنا الكذب والرياء..
فاستوطنت دماؤنا وتشربت فيه كما السرطان.. فغدا جسدا بلا روح.. والروح تائهة تبحث عن الملاذ..
تعساء نحن بشفتينا منحنا شهقة الحياة لغدرنا
ومن عيننا منحناها الضياء وحين كبرت اعتصرتنا فغدونا جثة سيتلاشى غبارها فوق أمد العمر..
تعساء في زمن انقلبت فيه المعايير لتغدو المحبة حقدا والحقد هياما.. نرسم حب عقدنا شخصيتنا الوهمية.. نعشق ذاتا فقط لأنها ترسم غرورا فوق صفحة.. أدمنا سيمفونية الموت عشقناها.. عشقنا دور الضحية وسادية المشاعر.. غدا إدماننا للجرح أقوى ومناعتنا للفرح أصلب.. كم نحن بؤساء والغدر مدموج فينا لا الغدر من طبع زماننا ولكنه طبع فينا..
تعطي الوفاء لتكافأ بالخيانة.. تهب الحب لتنال اللامبلاة وتغتال المشاعر الجميلة..
إذن ماهو الحب الصادق؟! أن تنجذب للأخر دون أن تشعر أم تشعر به وتنجذب له طوعا؟! أن تحبه لأنه أعجبتك مواصفاته ومالديه من محاسن ظاهرة أم تحب مافي داخله؟ّ! أن تحبه بلا حدود أم تحب ماتريد أن تحبه فيه؟! أن تكون معه بكل العفوية والصدق أم تكون حذرا كل الحذر؟! أن تحب دون النظر إلى عيوبه وتقبلها كما هي أم تحبه لأنه بلا عيوب ثم يذهب ذلك مع الريح إن وجدتها وتهتز صورته أمامك وتبصر العيون ما تعمدت ألا تراه؟!.....
أتظن بأن الصادقين في زمن الزيف والخداع ليسوا بحمقى.. ومن يترك نفسه لأوهام الحب في زمن التحجر ليس غبيا.. المشكلة ليست بالصدق في زمن الكذابين بل في أناس جبلوا على الخداع والكذب والرياء والنفاق فنحن لسنا بزمن يعترف بحب أحمق ومشاعر مغفلة..
قبل أن نطالب بصدق الحب إحصي لي كم انسانا حولك يستحق هذا الحب وهذا الصدق.. إني انتظر وأعلم بأنه سيطول بلا فائدة.. فلا أمان في زمن انكسرت فيه لغة القلب.. لأن المغريات المادية أكبر.. فلا تبني لنفسك قصورا من الوهم والخيال....
لكن أملي بأن تضاء شموع العالم أجمع على همسات حب صادق واحساس برئ.. وأن تحارب وحوش الكذب والنفاق والخيانة وتزول الأقنعة المزيفة ونواجه أعاصير الحقد والأنا.. وأن نعزف على قيثارة الصدق والمشاعر النبيلة.. ويصبح الحب والعطاء والتضحية في أحضان عيوننا ونجوم تتراقص في سمائنا.. ولكن أعلم بأنه مجرد حلم وهمي...
اعذروني فضوضاء الحروف تبعثرني.. وهمس القلم يخونني.. فالظلام عم وانتشر واخترق جدران القلوب الدافئة لتقتل ضحكة طفل برئ.. وهاهي تنتهي مسرحية الحياة لتنزل الستارة ويصفق الجمهور
.. وتبقى مسرحية بلا عنوان أبطالها من غدر الزمان..
فانتبه فيمكن لزهرة من الكلام أن تخفي غابة من القتلى..